spotcastplatform

كارثة بيئية في الحرش الأسود – عكّار: قطعٌ جائر للأشجار والجاني مجهول.

نشرت مؤخراً جمعية الأرض لبنان، خبراً يفيد بتعرّض الحرش الأسود في منجز – عكّار لاعتداءاتٍ متكررة من حطّابين سوريي الجنسية يعبرون الحدود يومياً لقطع الأشجار، سرقتها، وإطلاق الرصاص على من يجرؤ على الاقتراب منهم. بعد تحرّياتٍ عدّة مع مصادر من المناطق المجاورة تبيّن لنا أنّ الجانب اللبناني هو المُتهم الأول في تلك الجريمة. إليكم التفاصيل.

اعتداءٌ سافر على كنزٍ طبيعيٍ فريد

حرش الغار أو ما يُعرف بـ”الحرش الأسود”، متحفٌ طبيعي أثري تحتله أشجار الغار الدهرية وتحجب غزارتها نورَ الشمسِ عنه. يمتد على مساحة ثلاثين هكتاراً بمحاذاة ضفاف النهر الجنوبي في عكّار بين بلدتَي رماح ومنجر على الحدود مع سوريا.

يعاني هذا الحرش منذ حوالي السنتين من تشوّهٍ واضح جرّاء اعتداءاتٍ متكررة بقطعٍ جائرٍ للأشجار فيه. يُشكل هذا الاعتداد تهديداً واضحاً للحياة الطبيعية وديمومتها خاصةً وأنّ هذا الموقع أُدرج ضمن اللائحة التمهيديّة لمواقع التراث العالمي الخاصة ببلدة منجز والمطروح لإقرارها في اليونيسكو.

بحسب الخبر الذي نشرته جمعية الأرض لبنان، فإنّ حطّابين سوريي الجنسية يقطعون الحدود ليسرقوا من تلك الأشجار، يطلقون النار على كل من يجرؤ الاقتراب منهم، و يعودون بها إلى القرى السورية المجاورة.
بعد تقصّي فريق “سبوتكاست” لصحّة تلك الأخبار، تبَيّن لنا وجود عوامل عدّة تعيد النظر حول هوية الجاني.

أولاً: الجغرافيا

يمتدّ الحرش بطوله على سفح جبلٍ شاهقٍ يقابله جبلٌ آخر من الجانب السوري يقطعهما النهر الكبير كما هو مشار في الصور التالية.

بحسب المصادر، إنّ احتمالية وصول مركبات آلية إلى أسفل الجبل ومرورها في النهرثم صعودها إلى الحرش، تحميل الأشجار المقطوعة ثم عودتها إلى الأراضي السورية، هي عملية شبه مستحيلة. فطبيعة الجبلين الوعرة وانعدام وجود طريق سالك للمركبات تحول دون ذلك. وتضيف المصادر لـ”سبودكاست” بعد الاطلاع على صورٍ التقطت داخل الحرش، فإن طبيعة الأشجار التي قُطعت، ضخمة وطويلة الجذع كما هو متعارفٌ عليها. إذ يُستحيل حملها على الظهر والصعود بها إلى سفح الجبل المجاور بتلك الكميات الهائلة.

ثانياً: مركزٌ للجيش في دير سيدة القلعة – منجز

بحسب المصادر، يتمركز الجيش اللبناني في أعلى قمّة في دير سيد القلعة المجاور للحرش في بلدة منجز.


فإن أي محاولة لعبور الحدود، هي مرئية بشكلٍ واضحٍ على عناصر الجيش اللبناني الذي بدوره سيطلق النار على الجناة دونَ أي تردد. على عكس باقي القرى الحدودية ذات الطبيعة الجغرافية المساعِدة، والتي تنشط فيها عمليات التهريب ويغيب عنها الجيش اللبناني كلياً.

ثالثاً: حالاتٌ مشابهة في البلدات المجاورة

أكدّت المصادر أن عمليات قطعٍ مشابهة حصلت في بلداتٍ مجاورة. إلا أنّ أحداً لم يرصد من تلك البلدات تحركاتٍ مشبوهة عبر الحدود. فالطبيعة الجغرافية في تلك البقعة تحول دون بناء المعابر غير الشرعية التي تبنى عادةً خلسةً وبعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية.

ختاماً: ملاحقة قضائية ضرورية

أياً كان مرتكب تلك الجرائم بحقّ الأحراش الطبيعية والتراثية، فإنّه وبكل تأكيد سعيدٌ بإبعاد أصابع الاتهام عنه. يمارس جريمته بكلّ أريحية ويجني منها الكثير من الأموال. لذلك، فإن إجراء تحقيقٍ شفّافٍ وعادل أصبح ضرورةً مُلحّة لملاحقة الجناة من جهة ولحماية الإرث العالمي والطبيعي الذي تتميز به عكّار من جهةٍ أخرى.

Facebook
X
WhatsApp