spotcastplatform

عكّار بين التهميش والفُرص

في محافظة تُعدّ من الأفقر على مستوى لبنان، يعيش آلاف الشباب في عكار واقعًا صعبًا يتقاطع فيه الحلم بالهجرة مع الحاجة للبقاء. بين البطالة، ضعف البنى التحتية، وغياب الدعم، تطرح الأسئلة نفسها: ماذا بقي لشباب عكار؟ وهل هناك بصيص أمل؟

تشير أحدث الأرقام إلى أن معدّل البطالة بين الشباب في لبنان بلغ 47.8% عام 2022، وهو من أعلى المعدلات في المنطقة العربية. وفي عكار، ورغم أن النسبة أقل قليلًا، إلا أنها لا تزال مرتفعة وتصل إلى نحو 30%، مع مشاركة في سوق العمل لا تتجاوز 45% للشباب بين 18 و24 عامًا. وهذا يعني أن أكثر من نصف شباب المنطقة خارج دائرة الإنتاج والعمل، سواء بسبب البطالة المباشرة أو العزوف عن البحث عن وظيفة لغياب الفرص.

ليست البطالة وحدها ما يدفع الشباب لترك قراهم، بل أيضًا الإحساس العميق بانعدام الأفق. وفق استطلاعات حديثة، أعرب نحو 63% من الشباب اللبناني عن رغبتهم القوية في الهجرة الدائمة، مع تسجيل أعلى النسب في المناطق المهمشة مثل الشمال والبقاع. وفي عكار، تترجم هذه الرغبة بمغادرة فعلية لعدد كبير من خريجي الجامعات وأصحاب المهارات، ما يهدد بخسارة المنطقة لطاقاتها الشابة وقدراتها الإنتاجية.

رغم التحديات، تتميز عكار بمقومات اقتصادية وسياحية وزراعية كبيرة يمكن أن تتحول إلى فرص عمل حقيقية للشباب إذا ما توافرت الإدارة الصحيحة. فالأراضي الزراعية الخصبة، الشاطئ الطويل غير المستغل، والمواقع الطبيعية الفريدة، كلها ثروات تنتظر الاستثمار. ومع ذلك، يبقى غياب التخطيط والدعم الحكومي عائقًا أمام أي نهضة اقتصادية مستدامة.

على الرغم من قلة الإمكانيات، ظهرت مبادرات محلية يقودها شباب عكاريون، سواء في مجالات الزراعة المستدامة، الصناعات الغذائية، أو حتى المشاريع السياحية البيئية. هذه المبادرات تثبت أن الحلول ممكنة إذا تم الاستثمار في طاقات الشباب ومنحهم البيئة المناسبة للعمل.

شباب عكار لا يفتقرون إلى الطموح أو المهارة، بل يفتقرون إلى الفرص والدعم. إن إنقاذ هذه الطاقات يتطلب إرادة سياسية حقيقية، واستثمارًا جادًا في التعليم والتدريب والبنى التحتية، حتى لا تتحول عكار إلى مجرد محطة عبور لشبابها نحو الغربة.

Facebook
X
WhatsApp

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على معلومات التحديث والأخبار والرؤى المجانية.