spotcastplatform

خطاب الكراهية يتجدّد في لبنان

انتشرت في الآونة الأخيرة على منصّات التواصل الاجتماعي صورة لعدد من العمّال اللبنانيين يجلسون على حافة الطريق. وما كان ينبغي أن تُقرأ الصورة في إطارها الطبيعي كبشر يسعون وراء رزقهم، تحوّلت إلى مادّة لتفريغ خطاب الكراهية والاتهامات الجائرة. فقد انهمرت التعليقات التي طالبت بسجنهم أو طردهم، ورماهم البعض بتهم الانتماء إلى منظمات إرهابية، فيما اتّهمهم آخرون بالسرقة، أو بزيادة معدلات الجريمة، أو بحرق الأحراج، أو بجلب البلاء إلى المنطقة… كل ذلك فقط لأن مظهرهم أو هيئتهم لا تشبه ما اعتاد عليه بعض أبناء المكان.

إنّ هذه الموجة من التحامل تكشف أزمة عميقة في فهم معنى الانتماء إلى الوطن. فاللبناني ليس قالبًا واحدًا أو نموذجًا مثاليًا جامدًا. إنّه العكّاري كما هو البيروتي، وهو الجنوبي كما هو الشمالي، وهو ابن البقاع والجبل والساحل. لكل منطقة خصوصيتها الثقافية والاجتماعية، ولكل فرد حقّه في أن يكون مختلفًا، دون أن يُحاكم بسبب شكله أو لهجته أو مكان نشأته. ولا فضل لأحد على أحد في هذا الوطن، لأنّ لبنان قام أصلًا على التنوع، وإذا أُلغي هذا التنوع، سقطت الفكرة اللبنانية من جذورها.

إنّ خطاب الكراهية الموجّه إلى أبناء الشمال، أو إلى أي شريحة من اللبنانيين، لم يعد يُحتمل. وهو ليس مجرّد كلمات عابرة على وسائل التواصل، بل وقود يُعمّق الانقسامات ويزرع بذور الفتنة.

ما أحوجنا اليوم إلى أن ندرك أنّ الاختلاف ليس تهديدًا، بل غنىً، وأنّ تقبّل الآخر شكلاً ورأيًا وإنسانًا هو السبيل الوحيد لبناء وطن يتّسع للجميع.

لبنان لا يُبنى على الإقصاء والاتهامات المعلّبة، بل على الاعتراف المتبادل، والاحترام المشترك، والإيمان بأنّ الإنسان قيمة بحدّ ذاته، لا بما يشبهه أو بما يختلف فيه عن الآخرين.

Facebook
X
WhatsApp

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على معلومات التحديث والأخبار والرؤى المجانية.